تراث الأهوار المادي وغير المادي في قلب الجنوب العراقي
تعد أهوار العراق، الواقعة في جنوب البلاد وتحديدا في محافظات ذي قار وميسان والبصرة، واحدة من أبرز النظم البيئية الرطبة في الشرق الأوسط والعالم. ولا تقتصر أهمية الأهوار على بيئتها الفريدة فقط، بل تمتد إلى غناها الثقافي والحضاري، الذي يتجلى في تراثها المادي وغير الماد.
التراث المادي للأهوار:
يشمل التراث المادي في الأهوار كل ما هو ملموس ومرئي، مثل العمارة التقليدية المصنوعة من القصب، وأشهرها البيت القَصبي أو المضيف ، الذي يعكس عبقرية الإنسان في التكيف مع بيئته . كما تشمل القوارب المصنوعة يدويا والمعروفة باسم الـمشحوف، والتي تستخدم للتنقل بين المسطحات المائية.
ويعتبر صيد الأسماك وتربية الجاموس من أهم الممارسات الاقتصادية التي تندرج ضمن هذا التراث، حيث تعتمد الأسر في الأهوار على هذه الأنشطة منذ قرون. إلى جانب ذلك توجد فيها اكلات شعبية مثل المصموطة والسمك المسكوف وغيرها، كما توجد أدوات تقليدية مثل تنور الطين والأواني الفخارية المتنوعة وكذلك هناك أنواع اخرى مصنوعة من سعف النخيل ومن ألياف نباتات البردي والقصب.
التراث غير المادي للاهوار :
أما التراث اللامادي، فهو الجانب الثقافي والمعنوي من حياة سكان الأهوار، ويشمل الأغاني الشعبية، والقصص والأساطير المحلية، والعادات والتقاليد المتوارثة مثل الضيافة وحل النزاعات عبر المضايف، التي تشكل مركزا اجتماعيا هاما. كما أن الزيارات الدينية والمناسبات الاجتماعية، مثل الأعراس والمآتم، تتميز بطقوس خاصة تعكس التقاليد الأصيلة لأبناء الهور. ولغة الحوار الشعبي، التي تمزج بين العربية الفصحى ولهجة الجنوب، تعد جزءا من هذا التراث الغني بتنوعه الثقافي
إن تراث الأهوار، بكل مكوناته المادية واللامادية، هو شهادة حية على قدرة الإنسان على الاندماج مع الطبيعة، وصون هويته الثقافية عبر الأجيال. ومن الجدير بالذكر قد سعت وزارة الثقافة والسياحة والآثار دائرة العلاقات الثقافية العامة على إدراج أهوار العراق على قائمة التراث العالمي اليونسكو عام 2016، تأكيدا على أهميتها البيئية والثقافية، مما يستوجب علينا حماية هذا الكنز الفريد من الاندثار.
