مرصد تراث الاهوار في ذي قار يسلط الضوء على نصب شهداء الاهوار وقوس القصب
نظم مرصد تراث الاهوار في ذي قار التابع الى المركز الوطني للتراث الثقافي غير المادي احد تشكيلات دائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، دراسة ميدانية في إطار نشاطه الثقافي في مناطق الاهوار، حيث نصب شهداء الاهوار، وتسليط الضوء على قوس القصب، وذلك في يوم الثلاثاء 12 تشرين الثاني 2024.
القوس الذي يعد احد الرموز التراثية البارزة في نصب الشهداء، هو أسلوب بناء مساكن اهل الاهوار ويعد قوس القصب او ما يسمى بل (الشبة) الجزء الأهم في بناء البيوت وبالأخص منه في بناء المضيف وبيوتات سكان الاهوار المحلين، ويذكر أن فكرة تصميم القوس جاءت وفق ما يلائم طبيعة بيئة الاهوار ولكونها امتداد لحضارة عريقة منذ مئات السنين، ومن بيئة هذا التراث العريق تم توظيف هذا القوس ليكون مدخل وواجهة نصب شهداء الاهوار الذي يقع في قرية ابو سوباط إحدى القرى التابعة لمدينة الجبايش الواقعة شرق مدينة الناصرية بمسافة (90) كم، وأن نصب شهداء الاهوار تم إنشاؤه عام (2008) وقد تميز مبنى النصب بفن معماري باهر، إذ توجد فيه قبة كبيرة ذات لون فضي، وقاعة ومرسى للسفن ومجموعة رموز للشهداء وباحة ومأذنة تحيطه الاهوار من جهاته الثلاث.
النصب المذكور اصبح الآن من اهم المعالم السياحية الحديثة في قضاء الجبايش، فيرتاده كثرة من الزوار والسياح من داخل العراق وخارجه، لغرض الاستمتاع بالأجواء الطبيعية لمنطقة الهور الخلابة، ولأجل ديمومة قوس القصب في مدخل هذا النصب وحفظه من عاديات الزمن ومتغيرات المناخ فقد تم تصنيعه من نبات القصب المقشر كمادة اولية، ثم تنظف تلك الاعواد وتربط على شكل حزمة قوية، ويكون طولها وحجمها حسب الحاجة المطلوبة للبناء، وهي تتصل مع بعضها الأخر بطرق فنية، منها مثلا الطريقة التقليدية المعروفة والتي تتمثل بضب وربط شبة القصب بالحبال لتكون متماسكة وقوية، واما بالنسبة لقوس القصب في نصب شهداء الاهوار فقد تم طلاء شبة القصب بمادة النحاس السائل، لتمنع عنه تأثير المتغيرات المناخية التي يمكن ان تنشأ من هبوب الرياح الشديدة والمؤثرات الجانبية الأخرى.
كذلك يوجد بجوار هذا القوس، رمزا اخر هو عبارة عن يدين تحتضنان ارواح الشهداء التي انتشلت في طين الهور لتنبت وتتمثل بنبات القصب الذي يشكل بيئة وهوية الهور لتبقى رمزا وقلبا نابضا بالتضحية والعطاء، وبذلك يشكل القوس إضافة جميلة لهذا النصب الفريد بموقعه ورمزية وحضارتيه المعبرة في وسط بيئة الهور التي لم تعهد من قبل مثل هذا الطراز المعماري الحديث وسط غابات القصب الكثيفة.
ومن الجدير بالذكر ان وزارة الثقافة والسياحة والآثار- دائرة العلاقات الثقافية العامة، تسعى اليوم بجهود حثيثة لتسجيل عناصر التراث الحي لمناطق الاهوار والمناطق العراقية الأخرى لتدرج ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لدى منظمة اليونسكو بعد ان كانت قد ادرج ملف الاهوار العراقية مع اربعة مواقع اثرية تابعة في الجنوب ضمن منطقة الهور في تموز 2016 على لائحة التراث المادي والطبيعي العالمي لدى اليونسكو وكذلك إدراج مضيف القصب في اواخر عام 2023، مما يلقي المسؤولية كاملة لان يكون الجهد متواصلا ومستمرا لتسجيل عنصر بيت القصب ليكون هناك تكاملا متوازن يعرف ببيئة الهور ويحفظ موروثها الثقافي على صعيد التراث بشقيه المادي واللامادي.
أجرى الدراسة كل من السيد فارس سلمان راضي – مدير المرصد والسيد خالد ابراهيم سالم – باحث مختص وابراهيم لطيف ابراهيم – مسؤول التصوير.